كان المال في الأصل أداة للتداول، أو التبادل، فمنذ بدء الإنسانية كان الإنسان محتاجا للتبادل، و كان المال وسيطا لتسهيل التبادل الذي كان يتم سابقا عن طريق المقايضة، فهل من الممكن أن يعيش الإنسان من دون مال؟
المال وسيلة بالنسبة للبعض، ومفتاح السعادة للآخرين، والمال يحكم حياتنا بغض النظر عن علاقتنا معه، فلا يمكن تجاهل ضرورة المال للعيش، فبدون مال ليس هناك مأوى ولا مأكل ولا ملبس، وبعبارة أخرى ليس هناك شيء لأن كل شيء نحصل عليه مقابل المال.
لماذا لا نتخيل العالم من دون مال، عالم يقوم على أساس التقاسم والتبادل؟
لن يكون هناك أي سبب يجعلنا نرغب في كسب المال في عالم مثل هذا، و هذا سيعزز التشارك مع الآخرين، وبالتالي فإن مجتمعا خال من المال سيكون مجتمعا مثاليا ، ولكن هل هو ممكن في الواقع؟
العيش أو السفر بدون مال والتكيف مع حياة قائمة على الاستكشاف ممكن، ولكن كيف سيكون الأمر إذا كان المجتمع كله يعيش بدون مال؟
هذا السؤال طرحه الفلاسفة وعلماء الأنثروبولوجيا وعلماء الاجتماع والاقتصاديين من قبل، واقتبس أغلبهم في كثير من الأحيان أساليب الحياة في فترة ما قبل التاريخ عندما كانت القبائل البدوية تتعامل فيما بينها بالمقايضة ، والكل يساهم في الصالح العام من خلال تقديم خدماته، وفي المقابل يقدم له المجتمع ما يحتاج إليه، بدون أنانية ومع شعور بواجب مساعدة الآخر دون مقابل.
إنه عالم مثالي لا يوجد إلا في الأحلام فرغم أن هناك بعض المجتمعات (مثل أمريكا الجنوبية) يعيشون بالفعل دون المال، و بالتالي فالأمر ليس مستحيلا، ولكن العيش من دون المال ليس سهلا، فهو يستدعي الكثير من الشجاعة و القدرة على التخلي عن أشياء معينة.
ورغم أن المال خُلق لخدمة الإنسان إلا أن الأمر تغير فأصبح الإنسان عبدا للمال لذلك فعالم بدون مال عالم مثالي صعب التحقيق لأنه يستلزم أشخاص بنفس الحالة الذهنية يتمتعون بفلسفة إبداعية للثروة الروحية والعلمية أما المال فلا يهمهم على الإطلاق.
الكاتب: محمد إبراهيم
محرر تخصص فيزياء ... مهتم بكل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا و السيارات، وأكتب في مجالات متنوعة مثل الصحة والغرائب والستايل وغيرها الكثير
