منذ أن كانت طفلة صغيرة، كان والدا دانة القطان يقولان لها أنها قادرة على تحقيق أي شيء تريده. وقد اختارت العمل في مجال الهندسة لتصبح بذلك أول امرأة في عائلتها تحصل على هذه الدرجة العلمية، وما زالت تسعى منذ ذلك الحين لتحقيق أحلامها والتغلب على جميع التحديات التي تواجهها.
وتقول القطان، وهي مديرة المبيعات والعروض في مركز جنرال إلكتريك للتكنولوجيا في الكويت: "لطالما دعمني والداي أنا وجميع أشقائي وشقيقاتي لتحقيق أحلامنا والقيام بكل ما نريده دون أي تفرقة بين الذكور والإناث. وقد حصلنا على دعمهم الكامل في كل ما أردنا تحقيقه".
تأثرت القطان بمجال عمل والدها الذي كان متخصصاً بالهندسة الكيميائية. ووجدت الكثير من الإلهام أيضاً في والدتها التي امتهنت التدريس في بداية حياتها المهنية وعملت لاحقاً في وزارة العدل الكويتية، حيث ساهمت في ترجمة القوانين والتشريعات قبل أن تظهر خدمة ترجمة "جوجل" للوجود.
وفي مركز جنرال إلكتريك للتكنولوجيا في الكويت، تتولى القطان مسؤولية تنمية الأعمال عبر المجالات الثلاثة لأنشطة المركز – وهي التدريب، والأدوات، والبحث والتطوير. يتضمن ذلك مساقات التدريب العملي والنظري لخدمة وإصلاح التوربينات الغازية والتوربينات البخارية والمولدات وغير ذلك؛ وإعداد وإرسال مجموعات الأدوات المناسبة لتسهيل أعمال الإصلاح والصيانة في محطات توليد الطاقة؛ وتقديم خدمات البحث والتطوير المتقدمة في مجالات شتى مثل تحليل الأعطال وتقييم عمر المواد، واختبار جودة الزيت والوقود، والوقود ومحاكاة عمليات الضبط، والمراقبة والتشخيص.
وتعد هذه الوظيفة الثالثة في المسيرة المهنية للمهندسة الكويتية البالغة من العمر 30 عاماً، ويُظهر ذلك آفاق التطور المهني التي تتطلع القطان للوصول إليها بشهادة الهندسة الصناعية.
"أردت أن أزاول مهنة ترتبط بالعلوم دون أن ينحصر تركيزي في جانب تقني محدد، عدا عن رغبتي أيضاً بفهم التطبيقات التجارية للأشياء؛ ووجدت مرادي هذا في الهندسة الصناعية، فقد استحوذت عليّ فكرة تحسين أنظمة العمليات. وأدركت أن هذا المجال يفتح أمامي فرصاً أوسع بعد التخرج بدلاً من المسار الضيق للتخصصات التقنية".
كان ذلك أمراً مهماً بالنسبة لدانة التي تتحدث عن اهتماماتها قائلةً: "أحب أن استكشف وأتعلم أشياء وجوانب مختلفة من الأعمال التجارية". ومع حصولها على شهادة في الهندسة الصناعية، كانت خياراتها المهنية واسعة ومتنوعة.
بعد تخرجها من جامعة الشرق الأوسط الأمريكية في الكويت، تقدمت القطان للعمل كمهندسة ميدانية في شركة دولية لخدمات حقول النفط. وقالت بهذا الصدد: "في ذلك الوقت، كان هناك تركيز كبير على جوانب الصحة والسلامة في الشركة، واعتقدوا أنه سيكون من المفيد إسناد هذه المسؤولية إلى شخص حديث التخرج للاستفادة من منظور الشباب في التعامل مع تلك المسائل".
بعد عملها في هذا المنصب لأكثر من عامين، تولت القطان مسؤولية المبيعات في مجال مختلف تماماً، حيث كان يتعين عليها الإلمام جيداً بمنصات الحفر ومعدات التحكم في الضغط، وفرضت عليها طبيعة عملها كذلك السفر إلى بلدان كثيرة حول العالم وواجهت في بعض الأحيان تحديات فريدة – فقد توجب عليها في إحدى المرات خوض مفاوضات تجارية في الصين ولم تكن هي أو نظرائها يتحدثون نفس اللغات. وقالت القطان بهذا الخصوص "كان من الصعب تخطي حاجز اختلاف اللغات، ولكننا نجحنا مع ذلك في تجاوزه".
في أواخر عام 2019، انضمت القطان إلى مركز جنرال إلكتريك للتكنولوجيا في الكويت. وبالرغم من خبرتها السابقة في مجال المبيعات، إلا أن قطاع توليد الطاقة كان مرة أخرى مجال عمل مختلفاً بالنسبة لها. يضاف إلى ذلك أنه بعد شهرين فقط من تولي وظيفتها الجديدة، بدأ تفشي جائحة كوفيد-19 مع ما صاحبها من عمليات الإغلاق العام وقيود السفر ومتطلبات العمل من المنزل.
فرض هذا الأمر على دانة تحدياً من نوع جديد: فقد كان عليها التعرف على شركتها الجديدة وبيع خدماتها أثناء العمل من المنزل، وحضور اجتماعات العملاء الافتراضية وسط إغلاق شامل طال العالم بأسره.
وتعد القطان اليوم واحدة من ثلاث نساء يشغلن مناصب قيادية في مركز جنرال إلكتريك للتكنولوجيا، وكانت في أغلب حياتها المهنية المرأة الوحيدة ضمن طواقم الوحدات التي تعمل فيها.
وتقول القطان بهذا الخصوص: "سواءً في جنرال إلكتريك أو الشركة التي عملت لديها قبل ذلك، لطالما كنت أحظى بالاحترام الكامل كجزء من فريق العمل دون أي تعالٍ من زملائي الذكور. وقد ساعدني رؤسائي في العمل على النمو والتطور، وكانوا يؤمنون دوماً بقدراتي وبالقيمة التي أحققها للشركة. وهذا لا يعني أنني لم أواجه أبداً أي تعليقات أو تصرفات لم تكن لتحدث لو كنت رجلاً، وخاصة عند التعامل مع الآخرين خارج مؤسستي".
لهذا السبب، تتحدث دانة دائماً إلى طالبات الجامعة التي تخرجت منها، فتتشارك معهن حصيلة تجاربها وتقدم لهن التوجيه والمشورة المهنية.
وتقول دانة: "أعلم أنه من الصعب على النساء التوفيق بين مسؤوليات العمل والمنزل؛ غير أن الكثير منهن لا يدركن ببساطة ما الذي يمكنهن تحقيقه بالفعل، وغالباً ما يصنعن حواجز ذهنية لأنفسهن. فعندما كنت أذهب للتحدث في الجامعات خلال فترة عملي في وظيفتي السابقة [قبل الجائحة]، كانت الطالبات تسألنني "هل تنامين في موقع الحفر؟" وكنت أيضاً أتلقى الكثير من الأسئلة حول تجربتي كامرأة تعمل في هذا المجال. وكنت أقول لهن ’هذه المهنة ليست حكراً على الرجال، فالمرأة أيضاً لديها القدرة على مزاولتها. ومن الخطأ بمكان أن تحصر المرأة نفسها بوظائف معينة بسبب المفاهيم الخاطئة والصور النمطية القائمة على النوع الاجتماعي‘. ولهذا فأنا أستمتع دائماً بالحديث عن تجاربي، وآمل أن أكون قدوة حقيقية للشابات في الكويت وخارجها".
وفي نصيحتها إلى النساء الشابات تحديداً، تقول دانة: "لا تستهينوا بقوتكن وقدرتكن على تحقيق أشياء عظيمة. فالنجاح يأتي قبل كل شيء من إيمانكن بأنفسكن، ومن ثم العمل الجاد لتحقيق أهدافكن".