حقق المركز العلمي التابع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي إنجازاً عالمياً وتاريخياً، حيث استطاع النجاح في إنتاج قرش النمر الرملي المهدد بالانقراض ورعاية المواليد الجدد وفق استراتيجية ابتكرها ضمنت نموهم بالشكل الصحيح، وليكون بذلك أحد المراكز القليلة في العالم التي نجحت بذلك. واحتفالاً بهذا الإنجاز العظيم عقد مؤتمراً صحفياً في الخامس من يوليو 2022، بحضور عدد من ممثلي المؤسسات والهيئات والشخصيات المهتمة بالبيئة واستدامة التنوع الحيوي لمشاهدة صغار القروش الذين أصبحوا الآن جزءاً من مجموعة أسماك قرش النمر الرملي التي يمتلكها المركز لأكثر من 20 عاماً، والتي تعد من أشهر الأحياء البحرية المحببة لزوار المركز.
وقد ولدت سمكة القرش "بيبي" الشهيرة، والتي تشير التقديرات في سجلات المركز إلى أن عمرها يبلغ أكثر من 20 عاماً، اثنين من صغار النمر الرملي بتاريخ 23 يناير 2022 في حوض الأحياء البحرية بالمركز العلمي، واحد منها ذكر والأخرى أنثى. وقد تمت تسمية صغار أسماك القرش بـ "بدر وبدرية" وفقاً للتصويت الذي حسمه محبو المركز العلمي على قناته في الإنستقرام.
وقد صرح د. سلام العبلاني، عالم أحياء وعضو سابق في مجلس إدارة المركز العلمي أن المركز وعلى مدار 22 عاماً، استطاع ضمان وتوفير بيئة مناسبة لأسماك قرش النمر الرملي مكّنتها من التكاثر طبيعياً وباستمرار دون أي تدخل اصطناعي خلال تلك السنوات. حيث ووفقاً للدراسات العلمية فإن هذا النوع من أندر فصائل أسماك القرش التي تتكاثر داخل الأحواض المائية، وذلك بسبب ضغوط الإجهاد المختلفة كالازدحام، والنظام الغذائي، ودرجة حرارة الماء. كما أن فترة حمل إناثها تتراوح بين 12 إلى 14 شهراً، ومن الصعب أن تحافظ على حملها لهذه المدة الزمنية تحت جميع العوامل داخل الأحواض المائية. ويعد هذا مؤشراً على الظروف الصحية الجيدة التي تميز بيئة الأكواريوم. كما تشير ولادة الصغار الأصحاء إلى أن القيمة الغذائية لنظام أسماك القرش الغذائي عالية جدًا. الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي للغاية على ممارسات التربية الممتازة لموظفي إدارة الأحياء البحرية والبرية وخبراتهم العالية وكذلك جميع إدارة المركز العلمي.
وأكمل العبلاني: كان أكبر تحدٍّ للمركز العلمي هو ضمان حياة صغار القروش بعد ولادتها. حيث تحتاج قروش النمر الرملي إلى عناية فائقة حتى تستطيع النجاة. لذلك نجد من الصعب جداً تكاثرها، وإن نجاة هذا النوع من القروش يعتبر نادراً، والنماذج الناجحة جداً شحيحة.
وبمجرد أن تمت الولادة بأمان، هرع فريق الأكواريوم على رأسهم المستشار العالمي آندرو كلارك إلى إخراج الصغار من الحوض الرئيسي في الوقت المناسب، وتم نقلهم إلى أحواض الحضانة لضمان سلامتهم ومراقبة تغذيتهم عن كثب، وهذه كانت أول خطوة. ثم قام الفريق بإجراء أشعة مقطعية للصغار للتأكد من صحتهم. وأيضاً ابتكار استراتيجية للعناية بهم وضمان نموهم بالشكل الصحيح وذلك بتوفير كمية الطعام التي يحتاجها الصغار في الوقت المناسب.
وعن حالة بدر وبدرية، قال العبلاني: تتمتع الصغار بحالة صحية ممتازة. وكان وزن كل منها عند الولادة حوالي 3.5 كغ. وبدأت بالأكل بعد خمسة أيام من ولادتها، وهذه حالة طبيعية عند هذا النوع من القروش حيث تولد وفي معدتها صفار بيض وبقايا الأجنة التي افترستها داخل الرحم. وقد بلغ وزنها في عمر الأربعة أشهر حوالي 9.5 كغ ووصل طولها إلى حوالي 130 سم. ويقوم موظفو المركز المختصين بوزن كمية الطعام التي يتم إطعامها لهم بعناية، للتمكّن من تتبع الكمية التي يستهلكها كل منهم ونستخدم هذه المعلومات لتحديد معدلات نموهم. كما نجمع القياسات المورفومترية (الوزن والطول) شهرياً.
وتابع العبلاني: إن لهذه القروش أهمية وقيمة إيكولوجية كبيرة في حفظ التوازن الحيوي البحري وكذلك قيمة علمية في مجال البحوث والدراسات. وبمعلوماتنا هذه ستزيد معرفتنا أكثر حول أسماك قرش النمر الرملي، وستساعد المنشآت الأخرى حول العالم التي تكافح من أجل إكثارها ورعايتها. كما يمكننا أيضاً استخدام هذه المعلومات لفهم تاريخها الطبيعي بشكل أفضل، والمساعدة في توفير معلومات حيوية حول بعض التهديدات البيئية التي تتعرض لها مجموعاتها في الطبيعة كالصيد الجائر، الصيد العرضي، وغيرها من التهديدات، والتي هي في حالة انخفاض. كما تعطينا ملاحظاتنا اليومية نظرة ثاقبة لسلوكهم الطبيعي والتفاعلي.
وصرحت السيدة رنا النيباري- مدير عام المركز العلمي: فخورون بإنجازنا هذا، والذي يؤكد التزامنا التام تجاه البيئة وحرصنا على بذل كل جهد لتحقيق رسالتنا ورؤيتنا في المساهمة على الحفاظ على البيئة واستدامتها، وليس فقط من خلال التوعية بل أيضاً بأن يكون لنا دور فعلي وفعال في ذلك. وإن نجاحنا في إنتاج قروش النمر الرملي كان بفضل مرافقنا عالية الجودة، وخبرة موظفينا المختصين ومستشارينا العالميين.
ويواصل المركز العلمي المساهمة بالمعلومات العلمية التي من شأنها أن تساعد مراكز الأكواريوم الأخرى حول العالم للمحافظة على بقاء أسماك قرش النمر الرملي والتي هي من الفصائل المدرجة على القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بالانقراض وفقاً للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN). وأكملت النيباري: "يسرنا أن ننقل تجربتنا إلى جميع مراكز الأكواريوم في العالم لنساهم في إنقاذ هذه القروش من الانقراض وضمان استدامتها. كما نأمل أن نستمر في إنتاج أجيال لاحقة منه في أكواريوم المركز العلمي.
والجدير بالذكر، أن المركز العلمي منذ افتتاحه عام 2000 وحتى الآن، يقوم بجهودٍ حثيثة للمحافظة على البيئة والحياة الفطرية، واستمر بتطوير مرافقه طوال الـ 22 سنة الماضية لتكون ذات جودة عالية ومطابقة للمعايير العالمية، إلى أن حصل على شهادة الاعتماد من قبل الرابطة الأوروبية لحدائق الحيوان والأحياء المائية EAZA. ليكون ضمن المراكز القليلة التي حصلت على هذا الاعتماد في الوطن العربي لما تتطلبه الرابطة من معايير عالية للحصول على اعتمادها. وبالطبع هذه الشهادة تسنح الفرصة للمراكز العالمية للاستفادة وتبادل الخبرات اللازمة التي من شأنها أن تساهم في المحافظة على البيئة واستدامة حياة الحيوانات.
وفي ختام المؤتمر، شكرت النيباري جميع الحضور، ودعت محبي أسماك القرش والمهتمين بقضايا المحافظة على البيئة بالحضور إلى أكواريوم مجبل المطوع لمشاهدة المواليد الجدد "بدر وبدرية" خلال أسبوع القرش في عطلة العيد.
الأماكن ذات الصلة: